كان علي بن الحسين سيد العابدين صلوات الله عليه يصلي عامة ليلة في شهر رمضان ، فإذا كان السحر دعا بهذا الدعاء :
إلهي لا تؤدبني بعقوبتك ، ولا تمكر بي في حيلتك ، من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلا من عندك ، ومن أين لي
النجاة ولا تستطاع إلا بك ، لا الذي أحسن استغنى عن عونك ورحمتك ، ولا الذي أساء واجترء عليك ولم يرضك
خرج عن قدرتك ، يا رب يا رب - حتى ينقطع النفس - بك عرفتك وأنت دللتني عليك ، ودعوتني إليك ، ولولا أنت لم
أدر ما أنت . الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني وإن كنت بطيئا حين يدعوني ، والحمد لله الذي أسأله فيعطيني وإن كنت
بخيلا حين يستقرضني ، والحمد لله الذي اناديه لكما شئت لحاجتي ، وأخلو به حيث شئت لسري ، بغير شفيع فيقضي
لي حاجتي . والحمد لله الذي ادعوه ولا أدعو غيره ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي ، والحمد لله الذي ارجوه
ولا أرجو غيره ولو رجوت غيره لأخلف رجائي ، والحمد لله الذي وكلني إليه فأكرمني ولم يكلني إلى الناس فيهينوني
والحمد لله الذي تحبب إلي وهو غني عني ، والحمد لله الذي يحلم عني حتى كأني لا ذنب لي ، فربي أحمد شئ عندي
، وأحق بحمدي . اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة ، ومناهل الرجاء إليك مترعة ، والاستعانة بفضلك لمن
أملك مباحة ، وأبواب الدعاء إليك للصارخين مفتوحة . وأعلم أنك للراجين بموضع إجابة ، وللملهوفين بمرصد إغاثة ،
وأن في اللهف إلى جودك والرضا بقضائك عوضا من منع الباخلين ، ومندوحة عما في أيدي المستأثرين ، وإن الراحل
إليك قريب المسافة ، وأنك لا تحتجب عن خلقك إلا ان تحجبهم الأعمال السيئة دونك . وقد قصدت إليك بطلبتي ،
وتوجهت إليك بحاجتي ، وجعلت بك استغاثتي ، وبدعائك توسلي ، من غير استحقاق لاستماعك مني ، ولا استيجاب
لعفوك عني ، بل لثقتي بكرمك ، وسكوني إلى صدق وعدك ، ولجائي إلى الايمان بتوحيدك ، ويقيني بمعرفتك مني :
أن لا رب لي غيرك ، ولا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك . اللهم أنت القائل وقولك حق ووعدك صدق : ( واسألوا
الله من فضله إن الله كان بكم رحيما ) ، وليس من صفاتك يا سيدي أن تأمر بالسؤال وتمنع العطية ، وأنت المنان
بالعطايا على أهل مملكتك ، والعائد عليهم بتحنن رأفتك . إلهي ربيتني في نعمك وإحسانك صغيرا ، ونوهت باسمي
كبيرا ، يا من رباني في الدنيا باحسانه وتفضله ونعمه ، وأشار لي في الآخرة إلى عفوه وكرمه ، معرفتي يا مولاي
دليلي عليك ، وحبي لك شفيعي إليك ، وأنا واثق من دليلي بدلالتك ، وساكن من شفيعي إلى شفاعتك . أدعوك يا سيدي
بلسان قد أخرسه ذنبه ، رب أناجيك بقلب قد أوبقه جرمه ، أدعوك يا رب راهبا راغبا راجيا خائفا ، إذا رأيت مولاي
ذنوبي فزعت ، وإذا رأيت كرمك طمعت ، فان عفوت فخير راحم ، وإن عذبت فغير ظالم . حجتي يا الله في جرأتي
على مسألتك مع إتياني ما تكره جودك وكرمك ، وعدتي في شدتي مع قلة حيائي منك رأفتك ورحمتك ، وقد رجوت أن
لا تخيب بين ذين وذين منيتي ، فصل على محمد وآل محمد ، وحقق رجائي ، واسمع ندائي ، يا خير من دعاه داع ،
وأفضل من رجاه راج . عظم يا سيدي أملي ، وساء عملي ، فأعطني من عفوك بمقدار أملي ، ولا تؤاخذني بسوء
عملي ، فإن كرمك يجل عن مجازاة المذنبين ، وحملك يكبر عن مكافات المقصرين ، وأنا يا سيدي عائذ بفضلك ،
هارب منك إليك ، متنجز ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظنا . وما أنا يا رب وما خطري ؟ هبني بفضلك ،
وتصدق علي بعفوك ، أي رب جللني بسترك ، واعف عن توبيخي بكرم وجهك ، فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما
فعلته ، ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته ، لا لأنك أهون الناظرين إلي ، وأخف المطلعين علي ، بل لأنك يا رب خير
الساترين ، وأحلم الأحلمين ، وأكرم الأكرمين ، ساتر العيوب ، غفار الذنوب ، علام الغيوب ، تستر الذنب بكرمك ،
وتؤخر العقوبة بحلمك . فلك الحمد على حلمك بعد علمك ، على عفوك بعد قدرتك ، ويحملني ويجرئني على معصيتك
حلمك عني ، ويدعوني إلى قلة الحياء سترك علي ، ويسرعني إلى التوثب على محارمك معرفتي بسعة رحمتك ،
وعظيم عفوك . يا حليم يا كريم ، يا حي يا قيوم ، يا غافر الذنب ، يا قابل التوب ، يا عظيم المن ، يا قديم الإحسان أين
سترك الجميل أين عفوك الجليل أين فرجك القريب ، أين غياثك السريع ، أين رحمتك الواسعة ، أين عطاياك الفاضلة ،
أين مواهبك الهنيئة ، أين كرمك يا كريم ؟ به وبمحمد وآل محمد عليهم السلام فاستنقذني ، وبرحمتك فخلصني .
يا محسن يا مجمل يا منعم يا مفضل ! لسنا نتكل في النجاة من عقابك عن أعمالنا ، بل بفضلك علينا ، لأنك أهل التقوى
وأهل المغفرة ، تبتدئ بالاحسان نعما ، وتعفو عن الذنب كرما ، فما ندري ما نشكر ؟ أجميل ما تنشر ، أم قبيح ما تستر
، أم عظيم ما أبليت وأوليت ، أم كثير ما منه نجيت وعافيت ؟ . يا حبيب من تحبب من تحبب إليه ، ويا قرة عين من
لاذ بك وانقطع إليه ، أنت المحسن ونحن المسيئون ، فتجاوز يا رب عن قبيح ما عندنا بجميل ما عندك ، واي جهل
يا رب لا يسعه جودك ؟ وأي زمان أطول من أناتك ، وما قدر أعمالنا في جنب نعمك ؟ وكيف نستكثر أعمالا يقابل بها
كرمك ، بل كيف يضيق على المذنبين ما وسعهم من رحمتك ؟ يا واسع المغفرة ، يا باسط اليدين بالرحمة ، فوعزتك
يا سيدي لو انتهرتني ما برحت من بابك ، ولا كففت عن تملقك ، لما انتهى إلي يا سيدي من المعرفة بجودك وكرمك ،
وأنت الفاعل لما تشاء ، تعذب من تشاء بما تشاء كيف تشاء ، وترحم من تشاء بما تشاء كيف تشاء . لا تسأل عن فعلك ،
ولا تنازع في ملكك ، ولا تشارك في أمرك ، ولا تضاد في حكمك ، ولا يعترض عليك أحد في تدبيرك ، لك الخلق
والأمر تبارك الله رب العالمين . يا رب هذا مقام من لاذ بك ، واستجار بكرمك ، وألف إحسانك ونعمك ، وأنت الجواد
الذي لا يضيق عفوك ، ولا ينقص فضلك ، ولا تقل رحمتك ، وقد توثقنا منك بالصفح القديم ، والفضل العظيم ،
والرحمة الواسعة . أفتراك يا رب تخلف ظنوننا ؟ أو تخيب آمالنا ؟ كلا يا كريم ! ليس هذا ظننا بك ، ولا هذا طمعنا
فيك ، يا رب إن لنا فيك أملا طويلا كثيرا ، إن لنا فيك رجاء عظيما ، عصيناك ونحن نرجو أن تستر علينا ، ودعوناك
ونحن نرجو أن تستجيب لنا ، فحقق رجاءنا يا مولانا . فقد علمنا ما نستوجب بأعمالنا ولكن علمك فينا وعلمنا بأنك لا
تصرفنا عنك حثنا على الرغبة إليك ، وإن كنا غير مستوجبين لرحمتك ، فأنت أهل أن تجود علينا وعلى المذنبين بفضل
سعتك ، فامنن علينا بما أنت أهله ، وجد علينا [ بفضل إحسانك ] ، فانا محتاجون إلى نيلك . يا غفار ! بنورك اهتدينا ،
وبفضلك استغنينا ، وبنعمتك أصبحنا وأمسينا ، ذنوبنا بين يديك ، نستغفرك اللهم منها ونتوب إليك ، تتحبب إلينا بالنعم ،
ونعارضك بالذنوب ، خيرك إلينا نازل ، وشرنا إليك صاعد ، ولم يزل ولا يزال ملك كريم يأتيك عنا بعمل قبيح ، فلا
يمنعك ذلك ، أن تحوطنا بنعمك وتتفضل علينا بآلائك ، فسبحانك ما أحلمك وأعظمك مبدئا ومعيدا . تقدست أسماؤك ،
وجل ثناؤك ، وكرم صنائعك وفعالك ، أنت إلهي أوسع فضلا وأعظم حلما من أن تقايسني بفعلي وخطيئتي ، فالعفو
العفو العفو ، سيدي سيدي سيدي . اللهم اشغلنا بذكرك ، وأعذنا من سخطك ، وأجرنا من عذابك ، وارزقنا من مواهبك
وأنعم علينا من فضلك ، ارزقنا حج بيتك ، وزيارة قبر نبيك ، صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليه وعلى أهل
بيته إنك قريب مجيب ، وارزقنا عملا بطاعتك وتوفنا على ملتك وسنة رسولك صلى الله عليه وآله . اللهم صل على
محمد وآله واغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا ، واجزهما بالاحسان إحسانا وبالسيئات غفرانا ، اللهم
اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، تابع بيننا وبينهم في الخيرات . اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا
وغائبنا ، وذكرنا وانثانا ، صغيرنا وكبيرنا ، حرنا ومملوكنا ، كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا ، وخسروا
خسرانا مبينا . اللهم صل على محمد وآله ، واختم لي بخير ، واكفني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي ، ولا تسلط
علي من لا يرحمني ، واجعل علي منك جنة واقية باقية ولا تسلبني صالح ما أنعمت به علي وارزقني من فضلك رزقا
واسعا حلالا طيبا . اللهم احرسني بحراستك ، واحفظني بحفظك ، واكلأني بكلاءتك ، وارزقني حج بيتك الحرام في
عامنا هذا وفي كل عام ، زيارة قبر نبيك صلواتك عليه وآله ، ولا تخلني يا رب من تلك المشاهد الشريفة ، والمواقف
الكريمة . اللهم تب علي حتى لا أعصيك ، وألهمني الخير والعمل به ، وخشيتك بالليل والنهار ما أبقيتني يا رب
العالمين . إلهي مالي كلما قلت : قد تهيأت وتعبأت وقمت للصلاة بين يديك وناجيتك ، ألقيت علي نعاسا إذا أنا صليت ،
وسلبتني مناجاتك إذا انا ناجيتك ، مالي كلما قلت : قد صلحت سريرتي ، وقرب من مجالس التوابين مجلسي ، عرضت
لي بلية أزالت قدمي ، وحالت بيني وبين خدمتك . سيدي لعلك عن بابك طردتني ، وعن خدمتك نحيتني ، أو لعلك
رأيتني مستخفا بحقك فاقصيتني ، أو لعلك رأيتني معرضا عنك فقليتني أو لعلك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني ،
أو لعلك رأيتني غير شاكر لنعمائك فحرمتني ، أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني ، أو لعلك رأيتني في
الغافلين فمن رحمتك آيستني ، أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني ، أو لعلك لم تحب أن تسمع
دعائي فباعدتني ، أو لعلك بجرمي وجريرتي كافيتني ، أو لعلك بقلة حيائي منك جازيتني . فان عفوت يا رب فطال ما
عفوت عن المذنبين قبلي ، لأن كرمك أي رب يجل من مجازات المذنبين ، وحلمك يكبر عن مكافات المقصرين ، وأنا
عائذ بفضلك ، هارب منك إليك ، متنجز ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظنا . إلهي أنت أوسع فضلا وأعظم حلما
من أن تقايسني بعملي ، أو أن تستزلني بخطيئتي ، وما أنا يا سيدي وما خطري ، هبني بفضلك يا سيدي ، وتصدق علي
بعفوك وجللني بسترك ، واعف عن توبيخي بكرم وجهك . سيدي أنا الصغير الذي ربيته ، وأنا الجاهل الذي علمته ،
وأنا الضال الذي هديته ، وأنا الوضيع الذي رفعته ، وأنا الخائف الذي آمنته ، والجائع الذي أشبعته ، والعطشان الذي
أرويته ، والعاري الذي كسوته ، والفقير الذي أغنيته . والضعيف الذي قويته ، والذليل الذي أعززته ، والسقيم الذي
شفيته ، والسائل الذي أعطيته ، والمذنب الذي سترته ، والخاطئ الذي أقلته ، القليل الذي كثرته ، والمستضعف الذي
نصرته ، والطريد الذي آويته ، فلك الحمد . وأنا يا رب الذي لم أستحيك في الخلاء ، ولم اراقبك في الملاء ، وانا
صاحب الدواهي العظمى ، أنا الذي على سيده اجترى ، أنا الذي عصيت جبار السماء ، أنا الذي أعطيت على المعاصي
جليل الرشى ، أنا الذي حين بشرت بها خرجت إليها أسعى ، أنا الذي امهلتني فما ارعويت ، وسترت علي فما
استحييت ، وعملت بالمعاصي فتعديت ، وأسقطتني من عينك فما باليت . فبحلمك أمهلتني ، وبسترك سترتني ، حتى
كأنك أغفلتني ، ومن عقوبات المعاصي جنبتني حتى كأنك استحييتني . إلهي لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد
، ولا بأمرك مستخف ، ولا لعقوبتك متعرض ، ولا لوعيدك متهاون ، ولكن خطيئة عرضت وسولت لي نفسي وغلبني
هواي ، وأعانني عليها شقوتي ، وغرني سترك المرخى علي ، فقد عصيتك وخالفتك بجهدي . فالان من عذابك من
يستنقذني ؟ ومن أيدي الخصماء غدا من يخلصني ؟ وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني ؟ فواسوأتا على ما
أحصى كتابك من عملي الذي لولا ما أرجو من كرمك وسعة رحمتك ، نهيك إياي عن القنوط ، لقنطت عندما أتذكرها ،
يا خير من دعاه داع ، وأفضل من رجاه راج . اللهم بذمة الاسلام أتوسل إليك ، وبحرمة القرآن أعتمد عليك ، وبحبي
للنبي الامي القرشي الهاشمي العربي التهامي المكي المدني ، صلواتك عليه وآله أرجو الزلفة لديك ، فلا توحش
استيناس إيماني ، ولا تجعل ثوابي ثواب من عبد سواك . فان قوما آمنوا بألسنتهم ليحقنوا به دماءهم ، فأدركوا ما أملوا
، وإنا آمنا بك بألسنتنا وقلوبنا ، لتعفو عنا ، فأدركنا ما أملنا ، وثبت رجاءك ، في صدورنا ، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ
هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب . فوعزتك لو انتهرتني ما برحت من بابك ، ولا كففت عن تملقك ،
لما الهم قلبي يا سيدي من المعرفة بكرمك ، وسعة رحمتك ، إلى من يذهب العبد إلا إلى مولاه ، وإلى من يلتجئ
المخلوق إلا إلى خالقه . إلهي لو قرنتني بالأصفاد ، ومنعتني سيبك من بين الأشهاد ، ودللت على فضائحي عيون العباد
، وأمرت بي إلى النار وحلت بيني وبين الأبرار ، ما قطعت رجائي منك ، ولا صرفت وجه تأميلي للعفو عنك ، ولا
خرج حبك من قلبي ، أنا لا أنسى أياديك عندي ، وسترك علي في دار الدنيا . سيدي صل على محمد وآل محمد ،
وأخرج حب الدنيا عن قلبي ، واجمع بيني وبين المصطفى خيرتك من خلقك وخاتم النبين محمد صلواتك عليه وآله ،
وانقلني إلى درجة التوبة إليك ، وأعني بالبكاء على نفسي ، فقد أفنيت بالتسويف والامال عمري ، وقد نزلت منزلة
الايسين من خيري . فمن يكون أسوء حالا مني إن أنا نقلت على مثل حالي إلى قبر لم امهده لرقدتي ، ولم أفرشه
بالعمل الصالح لضجعتي ، ومالي لا أبكي ولا أدري إلى ما يكون مصيري ، وأرى نفسي تخادعني ، وأيامي تخاتلني ،
وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت . فما لي لا أبكي ، أبكي لخروج نفسي ، أبكي لظلمة قبري ، أبكي لضيق لحدي ،
أبكي لسؤال منكر ونكير إياي ، أبكي لخروجي من قبري عريانا ذليلا حاملا ثقلي على ظهري ، أنظر مرة عن يميني
واخرى عن شمالي ، إذ الخلائق في شأن غير شأني ، ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ، وجوه يومئذ مسفرة
ضاحكة مستبشرة ، ووجوه يومئذ عليها غبرة ، ترهقها قترة ) وذلة . سيدي عليك معولي ومعتمدي ورجائي وتوكلي ،
وبرحمتك تعلقي ، تصيب برحمتك من تشاء ، وتهدي بكرامتك من تحب . اللهم فلك الحمد على ما نقيت من الشرك
قلبي ، ولك الحمد على بسط لساني ، أفبلساني هذا الكال أشكرك ؟ أم بغاية جهدي في عملي أرضيك ؟ وما قدر لساني
يا رب في جنب شكرك ؟ وما قدر عملي في جنب نعمك وإحسانك ؟ إلا أن جودك بسط أملي ، وشكرك قبل عملي .
سيدي إليك رغبتي ، ومنك رهبتي ، وإليك تأميلي ، فقد ساقني إليك أملي ، وعليك يا واحدي عكفت همتي ، وفيما
عندك انبسطت رغبتي ، ولك خالص رجائي وخوفي ، وبك أنست محبتي ، وإليك إلقيت بيدي ، وبحبل طاعتك مددت
رهبتي . يا مولاي بذكرك عاش قلبي ، وبمناجاتك بردت ألم الخوف عني . فيا مولاي ويا مؤملي ، يا منتهى سؤلي !
صل على محمد وآل محمد وفرق بيني وبين ذنبي المانع لي من لزوم طاعتك ، فانما أسألك لقديم الرجاء فيك ، وعظيم
الطمع منك ، الذي أوجبته على نفسك من الرأفة والرحمة ، فالأمر لك وحدك لا شريك لك ، والخلق كلهم عبادك وفي
قبضتك ، وكل شئ خاضع لك ، تبارك يا رب العالمين . اللهم فارحمني إذا انقطعت حجتي ، وكل عن جوابك لساني ،
وطاش عند سؤالك أياي لبي ، فيا عظيما يرجى لكل عظيم ، أنت رجائي فلا تخيبني إذا اشتدت إليك فاقتي ، ولا تردني
لجهلي ، ولا تمنعني لقلة صبري ، أعطني لفقري ، وارحمني لضعفي . سيدي عليك معتمدي ومعولي ورجائي وتوكلي
، وبرحمتك تعلقي ، وبفنائك أحط رحلي ، وبجودك أقصد طلبتي ، وبكرمك أي رب أستفتح دعائي ، ولديك أرجو سد
فاقتي ، وبعنايتك أجبر عيلتي ، وتحت ظل عفوك قيامي ، وإلى جودك وكرمك أرفع بصري ، وإلى معروفك اديم
نظري ، فلا تحرقني بالنار ، وأنت موضع أملي ، ولا تسكني الهاوية فانك قرة عيني . يا سيدي لا تكذب ظني باحسانك
ومعروفك ، فانك ثقتي ورجائي ، ولا تحرمني ثوابك فانك العارف بفقري . إلهي إن كان قد دنا أجلي ، ولم يقربني ،
منك عملي ، فقد جعلت الاعتراف إليك بذنبي وسائل عللي . إلهي إن عفوت فمن أولى منك بالعفو ؟ وإن عذبتني فمن
أعدل منك في الحكم ؟ فارحم في هذه الدنيا غربتي ، وعند الموت كربتي ، وفي القبر وحدتي ، وفي اللحد وحشتي ،
وإذا نشرت للحساب بين يديك ذل موقفي . واغفر لي ما خفي على الادميين من عملي ، وأدم لي ما به سترتني ،
وارحمني صريعا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي ، وتفضل علي ممدودا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي ، وتحنن
علي محمولا قد تناول الأقراباء أطراف جنازتي ، وجد علي منقولا قد نزلت بك وحيدا في حفرتي ، وارحم في ذلك
البيت الجديد غربتي ، حتى لا أستأنس بغيرك يا سيدي فانك إن وكلتني إلى نفسي هلكت . [ سيدي ] فبمن أستغيث إن
لم تقلني عثرتي ، وإلى من أفزع إن فقدت عنايتك في ضجعتي ، وإلى من ألتجئ إن لم تنفس كربتي . سيدي من لي
ومن يرحمني إن لم ترحمني ؟ وفضل من أؤمل إن فقدت غفرانك ، أو عدمت فضلك يوم فاقتي ، وإلى من الفرار من
الذنوب إذا انقضى أجلي . سيدي لا تعذبني وأنا أرجوك ، إلهي حقق رجائي وآمن خوفي ، فان كثرة ذنوبي لا أرجو
لها إلا عفوك . سيدي أنا أسألك ما لا أستحق ، وأنت أهل التقوى وأهل المغفرة ، فاغفر لي ، وألبسني من نظرك ثوبا
يغطي علي التبعات ، وتغفرها لي ، ولا اطالب بها إنك ذو من قديم وصفح عظيم ، وتجاوز كريم . إلهي أنت الذي
تفيض سيبك على من لا يسألك وعلى الجاحدين بربوبيتك ، فكيف سيدي بمن سألك وأيقن أن الخلق لك ، والأمر إليك ،
تباركت وتعاليت يا رب العالمين . سيدي عبدك ببابك ، أقامته الخصاصة بين يديك ، يقرع باب إحسانك بدعائه ،
ويستعطف جميل نظرك بمكنون رجائه ، فلا تعرض بوجهك الكريم عني ، واقبل مني ما أقول ، فقد دعوتك بهذا الدعاء
، وأنا أرجو أن لا تردني ، معرفة مني برأفتك ورحمتك . إلهي أنت الذي لا يخفيك سائل ، ولا ينقصك نائل ، أنت كما
تقول وفوق ما يقول القائلون . اللهم إني أسألك صبرا جميلا ، وفرجا قريبا ، وقولا صادقا ، وأجرا عظيما ، وأسألك
يا رب من الخير كله ، ما علمت منه وما لم أعلم ، وأسألك اللهم من خير ما سألك منه عبادك الصالحون . يا خير من
سئل وأجود من أعطى ( صل على محمد وآل محمد ) وأعطني سؤلي في نفسي وأهلي ووالدي وولدي وأهل حزانتي
وإخواني فيك ، وأرغد عيشي وأظهر مروتي ، وأصلح جميع أحوالي ، واجعلني ممن أطلت عمره ، وحسنت عمله ،
واتممت عليه نعمتك ، ورضيت عنه ، وأحييته حياة طيبة في أدوم السرور وأسبغ الكرامة ، وأتم العيش ، إنك تفعل ما
تشاء ولا تفعل ما يشاء غيرك . اللهم وخصني منك بخاصة ذكرك ، ولا تجعل شيئا مما أتقرب به اليك في آناء الليل
وأطراف النهار رياء ولا سمعة ولا أشرا ولا بطرا ، واجعلني لك من الخاشعين . اللهم وأعطني السعة في الرزق ،
والأمن في الوطن ، قرة العين في الأهل والمال الولد والمقام في نعمك عندي ، والصحة في الجسم ، والقوة في البدن
، والسلامة في الدين ، واستعملني بطاعتك وطاعة رسولك محمد صلواتك عليه وآله أبدا ما استعمرتني . واجعلني من
أوفر عبادك عندك نصيبا في كل خير أنزلته وأنت منزله في شهر رمضان في ليلة القدر ، وما أنت منزله في كل سنة
من رحمة تنشرها ، وعافية تلبسها ، وبلية تدفعها وحسنات تتقبلها ، وسيئات تتجاوز عنها . وارزقني حج بيتك الحرام
في عامنا هذا وفي كل عام ، وارزقني رزقا واسعا من فضلك الواسع . واصرف عني يا سيدي الأسواء ، واقض عني
الدين والظلامات حتى لا أتأذى بشئ منه ، وخذ عني بأسماع أعدائي ، وأبصار حسادي ، والباغين علي ، وانصرني
عليهم ، وأقر عيني ، وحقق ظني ، وفرج قلبي ، واجعل لي من همي وكربي فرجا ، ومخرجا ، واجعل من أرادني
بسوء من جميع خلقك تحت قدمي . واكفني شر الشياطين ، وشر السلطان وسيئات عملي ، وطهرني من الذنوب كلها ،
وأجرني من النار بعفوك ، وأدخلني الجنة برحمتك ، وزوجني من الحور العين بفضلك ، وألحقني بأوليائك الصالحين
محمد وآله الأبرار الطيبين الأخيار صلواتك عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته . إلهي وسيدي
، وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لاطالبنك بعفوك ، ولئن طالبتني بلؤمي لاطالبنك بكرمك ، ولئن أدخلتني النار
لاخبرن أهل النار بحبي لك . إلهي وسيدي إن كنت لا تغفر إلا لأوليائك وأهل طاعتك ، فالى من يفزع المذنبون ؟ وإن
كنت لا تكرم إلا أهل الوفاء بك ، فبمن يستغيث المسيئون . إلهي إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك ، وإن
أدخلتني الجنة ففي ذلك سرور نبيك ، وأنا والله أعلم أن سرور نبيك أحب إليك من سرور عدوك . اللهم إني أسألك أن
تملأ قلبي حبا لك وخشية منك ، وتصديقا لك ، وإيمانا بك ، وفرقا منك ، وشوقا إليك يا ذا الجلال والاكرام حبب إلي
لقاءك ، وأحبب لقائي ، واجعل لي في لقائك الراحة والفرح والكرامة . اللهم ألحقني بصالح من مضى ، واجعلني من
صالح من بقي وخذ بي سبيل الصالحين ، وأعني على نفسي بما تعين به الصالحين على أنفسهم ، ولا تردني في سوء
استنقذتني منه أبدا ، واختم عملي بأحسنه ، واجعل ثوابي منه الجنة ، برحمتك يا أرحم الراحمين . اللهم إني أسألك
إيمانا لا أجل له دون لقائك ، احيني ما أحييتني عليه ، وتوفني إذا توفيتني عليه ، وابعثني إذا بعثتني عليه ، وأبرء قلبي
من الرياء والشك والشك والسمعة في دينك ، حتى يكون عملي خالصا لك . اللهم أعطني بصيرة في دينك وفهما في
حكمك ، وفقها في علمك ، وكفلين من رحمتك ، وورعا يحجزني عن معاصيك ، وبيض وجهي بنورك ، واجعل
رغبتي فيما عندك ، وتوفني في سبيلك وعلى ملة رسولك صلواتك عليه وآله . اللهم إني أعوذ بك من الكسل والفشل ،
والهم والحزن ، والجبن والبخل ، والغفلة والقسوة ، والذلة والمسكنة ، والفقر والفاقة ، وكل بلية والفواحش ما ظهر
منها وما بطن . وأعوذ بك من نفس لا تقنع ، وبطن لا يشبع ، وقلب لا يخشع ، ودعاء لا يسمع ، وعمل لا ينفع ،
وأعوذ بك يا رب على نفسي وديني ومالي وعلى جميع ما رزقتني من الشيطان الرجيم ، إنك أنت السميع العليم .
اللهم إنه لن يجيرني منك أحد ، ولن أجد من دونك ملتحدا ، فلا تجعل نفسي في شئ من عذابك ، ولا تردني بهلكة ،
ولا تردني بعذاب أليم . اللهم تقبل مني ، وأعل ذكري ، وارفع درجتي ، وحط وزري ، ولا تذكرني بخطيئتي ، واجعل
ثواب مجلسي وثواب منطقي وثواب دعائي رضاك عني والجنة ، وأعطني يا رب جميع ما سألتك ، وزدني من فضلك
، إني إليك راغب يا رب العالمين . اللهم إنك أنزلت في كتابك العفو ، وأمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا ، وقد ظلمنا أنفسنا ،
فاعف عنا ، فانك أولى بذلك منا ، وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا ، وقد جئناك سائلا فلا تردنا إلا بقضاء حوائجنا ،
وأمرتنا بالاحسان إلى ما ملكت أيماننا ، ونحن أرقاؤك فأعتق رقابنا من النار . يا مفزعي عند كربتي ، ويا غوثي عند
شدتي ، إليك فزعت وبك استغثت و [ بك ] لذت ولا ألوذ بسواك ، ولا أطلب الفرج إلا بك ومنك ، فصل على محمد
وآل محمد وأغثني ، وفرج عني ، يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير ، اقبل مني اليسير واعف عني الكثير ، إنك أنت
الغفور الرحيم . اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي ، ويقينا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي ، ورضني من
العيش بما قسمت لي ، يا أرحم الراحمين . ( 3 )
إلهي لا تؤدبني بعقوبتك ، ولا تمكر بي في حيلتك ، من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلا من عندك ، ومن أين لي
النجاة ولا تستطاع إلا بك ، لا الذي أحسن استغنى عن عونك ورحمتك ، ولا الذي أساء واجترء عليك ولم يرضك
خرج عن قدرتك ، يا رب يا رب - حتى ينقطع النفس - بك عرفتك وأنت دللتني عليك ، ودعوتني إليك ، ولولا أنت لم
أدر ما أنت . الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني وإن كنت بطيئا حين يدعوني ، والحمد لله الذي أسأله فيعطيني وإن كنت
بخيلا حين يستقرضني ، والحمد لله الذي اناديه لكما شئت لحاجتي ، وأخلو به حيث شئت لسري ، بغير شفيع فيقضي
لي حاجتي . والحمد لله الذي ادعوه ولا أدعو غيره ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي ، والحمد لله الذي ارجوه
ولا أرجو غيره ولو رجوت غيره لأخلف رجائي ، والحمد لله الذي وكلني إليه فأكرمني ولم يكلني إلى الناس فيهينوني
والحمد لله الذي تحبب إلي وهو غني عني ، والحمد لله الذي يحلم عني حتى كأني لا ذنب لي ، فربي أحمد شئ عندي
، وأحق بحمدي . اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة ، ومناهل الرجاء إليك مترعة ، والاستعانة بفضلك لمن
أملك مباحة ، وأبواب الدعاء إليك للصارخين مفتوحة . وأعلم أنك للراجين بموضع إجابة ، وللملهوفين بمرصد إغاثة ،
وأن في اللهف إلى جودك والرضا بقضائك عوضا من منع الباخلين ، ومندوحة عما في أيدي المستأثرين ، وإن الراحل
إليك قريب المسافة ، وأنك لا تحتجب عن خلقك إلا ان تحجبهم الأعمال السيئة دونك . وقد قصدت إليك بطلبتي ،
وتوجهت إليك بحاجتي ، وجعلت بك استغاثتي ، وبدعائك توسلي ، من غير استحقاق لاستماعك مني ، ولا استيجاب
لعفوك عني ، بل لثقتي بكرمك ، وسكوني إلى صدق وعدك ، ولجائي إلى الايمان بتوحيدك ، ويقيني بمعرفتك مني :
أن لا رب لي غيرك ، ولا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك . اللهم أنت القائل وقولك حق ووعدك صدق : ( واسألوا
الله من فضله إن الله كان بكم رحيما ) ، وليس من صفاتك يا سيدي أن تأمر بالسؤال وتمنع العطية ، وأنت المنان
بالعطايا على أهل مملكتك ، والعائد عليهم بتحنن رأفتك . إلهي ربيتني في نعمك وإحسانك صغيرا ، ونوهت باسمي
كبيرا ، يا من رباني في الدنيا باحسانه وتفضله ونعمه ، وأشار لي في الآخرة إلى عفوه وكرمه ، معرفتي يا مولاي
دليلي عليك ، وحبي لك شفيعي إليك ، وأنا واثق من دليلي بدلالتك ، وساكن من شفيعي إلى شفاعتك . أدعوك يا سيدي
بلسان قد أخرسه ذنبه ، رب أناجيك بقلب قد أوبقه جرمه ، أدعوك يا رب راهبا راغبا راجيا خائفا ، إذا رأيت مولاي
ذنوبي فزعت ، وإذا رأيت كرمك طمعت ، فان عفوت فخير راحم ، وإن عذبت فغير ظالم . حجتي يا الله في جرأتي
على مسألتك مع إتياني ما تكره جودك وكرمك ، وعدتي في شدتي مع قلة حيائي منك رأفتك ورحمتك ، وقد رجوت أن
لا تخيب بين ذين وذين منيتي ، فصل على محمد وآل محمد ، وحقق رجائي ، واسمع ندائي ، يا خير من دعاه داع ،
وأفضل من رجاه راج . عظم يا سيدي أملي ، وساء عملي ، فأعطني من عفوك بمقدار أملي ، ولا تؤاخذني بسوء
عملي ، فإن كرمك يجل عن مجازاة المذنبين ، وحملك يكبر عن مكافات المقصرين ، وأنا يا سيدي عائذ بفضلك ،
هارب منك إليك ، متنجز ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظنا . وما أنا يا رب وما خطري ؟ هبني بفضلك ،
وتصدق علي بعفوك ، أي رب جللني بسترك ، واعف عن توبيخي بكرم وجهك ، فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما
فعلته ، ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته ، لا لأنك أهون الناظرين إلي ، وأخف المطلعين علي ، بل لأنك يا رب خير
الساترين ، وأحلم الأحلمين ، وأكرم الأكرمين ، ساتر العيوب ، غفار الذنوب ، علام الغيوب ، تستر الذنب بكرمك ،
وتؤخر العقوبة بحلمك . فلك الحمد على حلمك بعد علمك ، على عفوك بعد قدرتك ، ويحملني ويجرئني على معصيتك
حلمك عني ، ويدعوني إلى قلة الحياء سترك علي ، ويسرعني إلى التوثب على محارمك معرفتي بسعة رحمتك ،
وعظيم عفوك . يا حليم يا كريم ، يا حي يا قيوم ، يا غافر الذنب ، يا قابل التوب ، يا عظيم المن ، يا قديم الإحسان أين
سترك الجميل أين عفوك الجليل أين فرجك القريب ، أين غياثك السريع ، أين رحمتك الواسعة ، أين عطاياك الفاضلة ،
أين مواهبك الهنيئة ، أين كرمك يا كريم ؟ به وبمحمد وآل محمد عليهم السلام فاستنقذني ، وبرحمتك فخلصني .
يا محسن يا مجمل يا منعم يا مفضل ! لسنا نتكل في النجاة من عقابك عن أعمالنا ، بل بفضلك علينا ، لأنك أهل التقوى
وأهل المغفرة ، تبتدئ بالاحسان نعما ، وتعفو عن الذنب كرما ، فما ندري ما نشكر ؟ أجميل ما تنشر ، أم قبيح ما تستر
، أم عظيم ما أبليت وأوليت ، أم كثير ما منه نجيت وعافيت ؟ . يا حبيب من تحبب من تحبب إليه ، ويا قرة عين من
لاذ بك وانقطع إليه ، أنت المحسن ونحن المسيئون ، فتجاوز يا رب عن قبيح ما عندنا بجميل ما عندك ، واي جهل
يا رب لا يسعه جودك ؟ وأي زمان أطول من أناتك ، وما قدر أعمالنا في جنب نعمك ؟ وكيف نستكثر أعمالا يقابل بها
كرمك ، بل كيف يضيق على المذنبين ما وسعهم من رحمتك ؟ يا واسع المغفرة ، يا باسط اليدين بالرحمة ، فوعزتك
يا سيدي لو انتهرتني ما برحت من بابك ، ولا كففت عن تملقك ، لما انتهى إلي يا سيدي من المعرفة بجودك وكرمك ،
وأنت الفاعل لما تشاء ، تعذب من تشاء بما تشاء كيف تشاء ، وترحم من تشاء بما تشاء كيف تشاء . لا تسأل عن فعلك ،
ولا تنازع في ملكك ، ولا تشارك في أمرك ، ولا تضاد في حكمك ، ولا يعترض عليك أحد في تدبيرك ، لك الخلق
والأمر تبارك الله رب العالمين . يا رب هذا مقام من لاذ بك ، واستجار بكرمك ، وألف إحسانك ونعمك ، وأنت الجواد
الذي لا يضيق عفوك ، ولا ينقص فضلك ، ولا تقل رحمتك ، وقد توثقنا منك بالصفح القديم ، والفضل العظيم ،
والرحمة الواسعة . أفتراك يا رب تخلف ظنوننا ؟ أو تخيب آمالنا ؟ كلا يا كريم ! ليس هذا ظننا بك ، ولا هذا طمعنا
فيك ، يا رب إن لنا فيك أملا طويلا كثيرا ، إن لنا فيك رجاء عظيما ، عصيناك ونحن نرجو أن تستر علينا ، ودعوناك
ونحن نرجو أن تستجيب لنا ، فحقق رجاءنا يا مولانا . فقد علمنا ما نستوجب بأعمالنا ولكن علمك فينا وعلمنا بأنك لا
تصرفنا عنك حثنا على الرغبة إليك ، وإن كنا غير مستوجبين لرحمتك ، فأنت أهل أن تجود علينا وعلى المذنبين بفضل
سعتك ، فامنن علينا بما أنت أهله ، وجد علينا [ بفضل إحسانك ] ، فانا محتاجون إلى نيلك . يا غفار ! بنورك اهتدينا ،
وبفضلك استغنينا ، وبنعمتك أصبحنا وأمسينا ، ذنوبنا بين يديك ، نستغفرك اللهم منها ونتوب إليك ، تتحبب إلينا بالنعم ،
ونعارضك بالذنوب ، خيرك إلينا نازل ، وشرنا إليك صاعد ، ولم يزل ولا يزال ملك كريم يأتيك عنا بعمل قبيح ، فلا
يمنعك ذلك ، أن تحوطنا بنعمك وتتفضل علينا بآلائك ، فسبحانك ما أحلمك وأعظمك مبدئا ومعيدا . تقدست أسماؤك ،
وجل ثناؤك ، وكرم صنائعك وفعالك ، أنت إلهي أوسع فضلا وأعظم حلما من أن تقايسني بفعلي وخطيئتي ، فالعفو
العفو العفو ، سيدي سيدي سيدي . اللهم اشغلنا بذكرك ، وأعذنا من سخطك ، وأجرنا من عذابك ، وارزقنا من مواهبك
وأنعم علينا من فضلك ، ارزقنا حج بيتك ، وزيارة قبر نبيك ، صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليه وعلى أهل
بيته إنك قريب مجيب ، وارزقنا عملا بطاعتك وتوفنا على ملتك وسنة رسولك صلى الله عليه وآله . اللهم صل على
محمد وآله واغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا ، واجزهما بالاحسان إحسانا وبالسيئات غفرانا ، اللهم
اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، تابع بيننا وبينهم في الخيرات . اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا
وغائبنا ، وذكرنا وانثانا ، صغيرنا وكبيرنا ، حرنا ومملوكنا ، كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا ، وخسروا
خسرانا مبينا . اللهم صل على محمد وآله ، واختم لي بخير ، واكفني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي ، ولا تسلط
علي من لا يرحمني ، واجعل علي منك جنة واقية باقية ولا تسلبني صالح ما أنعمت به علي وارزقني من فضلك رزقا
واسعا حلالا طيبا . اللهم احرسني بحراستك ، واحفظني بحفظك ، واكلأني بكلاءتك ، وارزقني حج بيتك الحرام في
عامنا هذا وفي كل عام ، زيارة قبر نبيك صلواتك عليه وآله ، ولا تخلني يا رب من تلك المشاهد الشريفة ، والمواقف
الكريمة . اللهم تب علي حتى لا أعصيك ، وألهمني الخير والعمل به ، وخشيتك بالليل والنهار ما أبقيتني يا رب
العالمين . إلهي مالي كلما قلت : قد تهيأت وتعبأت وقمت للصلاة بين يديك وناجيتك ، ألقيت علي نعاسا إذا أنا صليت ،
وسلبتني مناجاتك إذا انا ناجيتك ، مالي كلما قلت : قد صلحت سريرتي ، وقرب من مجالس التوابين مجلسي ، عرضت
لي بلية أزالت قدمي ، وحالت بيني وبين خدمتك . سيدي لعلك عن بابك طردتني ، وعن خدمتك نحيتني ، أو لعلك
رأيتني مستخفا بحقك فاقصيتني ، أو لعلك رأيتني معرضا عنك فقليتني أو لعلك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني ،
أو لعلك رأيتني غير شاكر لنعمائك فحرمتني ، أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني ، أو لعلك رأيتني في
الغافلين فمن رحمتك آيستني ، أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني ، أو لعلك لم تحب أن تسمع
دعائي فباعدتني ، أو لعلك بجرمي وجريرتي كافيتني ، أو لعلك بقلة حيائي منك جازيتني . فان عفوت يا رب فطال ما
عفوت عن المذنبين قبلي ، لأن كرمك أي رب يجل من مجازات المذنبين ، وحلمك يكبر عن مكافات المقصرين ، وأنا
عائذ بفضلك ، هارب منك إليك ، متنجز ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظنا . إلهي أنت أوسع فضلا وأعظم حلما
من أن تقايسني بعملي ، أو أن تستزلني بخطيئتي ، وما أنا يا سيدي وما خطري ، هبني بفضلك يا سيدي ، وتصدق علي
بعفوك وجللني بسترك ، واعف عن توبيخي بكرم وجهك . سيدي أنا الصغير الذي ربيته ، وأنا الجاهل الذي علمته ،
وأنا الضال الذي هديته ، وأنا الوضيع الذي رفعته ، وأنا الخائف الذي آمنته ، والجائع الذي أشبعته ، والعطشان الذي
أرويته ، والعاري الذي كسوته ، والفقير الذي أغنيته . والضعيف الذي قويته ، والذليل الذي أعززته ، والسقيم الذي
شفيته ، والسائل الذي أعطيته ، والمذنب الذي سترته ، والخاطئ الذي أقلته ، القليل الذي كثرته ، والمستضعف الذي
نصرته ، والطريد الذي آويته ، فلك الحمد . وأنا يا رب الذي لم أستحيك في الخلاء ، ولم اراقبك في الملاء ، وانا
صاحب الدواهي العظمى ، أنا الذي على سيده اجترى ، أنا الذي عصيت جبار السماء ، أنا الذي أعطيت على المعاصي
جليل الرشى ، أنا الذي حين بشرت بها خرجت إليها أسعى ، أنا الذي امهلتني فما ارعويت ، وسترت علي فما
استحييت ، وعملت بالمعاصي فتعديت ، وأسقطتني من عينك فما باليت . فبحلمك أمهلتني ، وبسترك سترتني ، حتى
كأنك أغفلتني ، ومن عقوبات المعاصي جنبتني حتى كأنك استحييتني . إلهي لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد
، ولا بأمرك مستخف ، ولا لعقوبتك متعرض ، ولا لوعيدك متهاون ، ولكن خطيئة عرضت وسولت لي نفسي وغلبني
هواي ، وأعانني عليها شقوتي ، وغرني سترك المرخى علي ، فقد عصيتك وخالفتك بجهدي . فالان من عذابك من
يستنقذني ؟ ومن أيدي الخصماء غدا من يخلصني ؟ وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني ؟ فواسوأتا على ما
أحصى كتابك من عملي الذي لولا ما أرجو من كرمك وسعة رحمتك ، نهيك إياي عن القنوط ، لقنطت عندما أتذكرها ،
يا خير من دعاه داع ، وأفضل من رجاه راج . اللهم بذمة الاسلام أتوسل إليك ، وبحرمة القرآن أعتمد عليك ، وبحبي
للنبي الامي القرشي الهاشمي العربي التهامي المكي المدني ، صلواتك عليه وآله أرجو الزلفة لديك ، فلا توحش
استيناس إيماني ، ولا تجعل ثوابي ثواب من عبد سواك . فان قوما آمنوا بألسنتهم ليحقنوا به دماءهم ، فأدركوا ما أملوا
، وإنا آمنا بك بألسنتنا وقلوبنا ، لتعفو عنا ، فأدركنا ما أملنا ، وثبت رجاءك ، في صدورنا ، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ
هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب . فوعزتك لو انتهرتني ما برحت من بابك ، ولا كففت عن تملقك ،
لما الهم قلبي يا سيدي من المعرفة بكرمك ، وسعة رحمتك ، إلى من يذهب العبد إلا إلى مولاه ، وإلى من يلتجئ
المخلوق إلا إلى خالقه . إلهي لو قرنتني بالأصفاد ، ومنعتني سيبك من بين الأشهاد ، ودللت على فضائحي عيون العباد
، وأمرت بي إلى النار وحلت بيني وبين الأبرار ، ما قطعت رجائي منك ، ولا صرفت وجه تأميلي للعفو عنك ، ولا
خرج حبك من قلبي ، أنا لا أنسى أياديك عندي ، وسترك علي في دار الدنيا . سيدي صل على محمد وآل محمد ،
وأخرج حب الدنيا عن قلبي ، واجمع بيني وبين المصطفى خيرتك من خلقك وخاتم النبين محمد صلواتك عليه وآله ،
وانقلني إلى درجة التوبة إليك ، وأعني بالبكاء على نفسي ، فقد أفنيت بالتسويف والامال عمري ، وقد نزلت منزلة
الايسين من خيري . فمن يكون أسوء حالا مني إن أنا نقلت على مثل حالي إلى قبر لم امهده لرقدتي ، ولم أفرشه
بالعمل الصالح لضجعتي ، ومالي لا أبكي ولا أدري إلى ما يكون مصيري ، وأرى نفسي تخادعني ، وأيامي تخاتلني ،
وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت . فما لي لا أبكي ، أبكي لخروج نفسي ، أبكي لظلمة قبري ، أبكي لضيق لحدي ،
أبكي لسؤال منكر ونكير إياي ، أبكي لخروجي من قبري عريانا ذليلا حاملا ثقلي على ظهري ، أنظر مرة عن يميني
واخرى عن شمالي ، إذ الخلائق في شأن غير شأني ، ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ، وجوه يومئذ مسفرة
ضاحكة مستبشرة ، ووجوه يومئذ عليها غبرة ، ترهقها قترة ) وذلة . سيدي عليك معولي ومعتمدي ورجائي وتوكلي ،
وبرحمتك تعلقي ، تصيب برحمتك من تشاء ، وتهدي بكرامتك من تحب . اللهم فلك الحمد على ما نقيت من الشرك
قلبي ، ولك الحمد على بسط لساني ، أفبلساني هذا الكال أشكرك ؟ أم بغاية جهدي في عملي أرضيك ؟ وما قدر لساني
يا رب في جنب شكرك ؟ وما قدر عملي في جنب نعمك وإحسانك ؟ إلا أن جودك بسط أملي ، وشكرك قبل عملي .
سيدي إليك رغبتي ، ومنك رهبتي ، وإليك تأميلي ، فقد ساقني إليك أملي ، وعليك يا واحدي عكفت همتي ، وفيما
عندك انبسطت رغبتي ، ولك خالص رجائي وخوفي ، وبك أنست محبتي ، وإليك إلقيت بيدي ، وبحبل طاعتك مددت
رهبتي . يا مولاي بذكرك عاش قلبي ، وبمناجاتك بردت ألم الخوف عني . فيا مولاي ويا مؤملي ، يا منتهى سؤلي !
صل على محمد وآل محمد وفرق بيني وبين ذنبي المانع لي من لزوم طاعتك ، فانما أسألك لقديم الرجاء فيك ، وعظيم
الطمع منك ، الذي أوجبته على نفسك من الرأفة والرحمة ، فالأمر لك وحدك لا شريك لك ، والخلق كلهم عبادك وفي
قبضتك ، وكل شئ خاضع لك ، تبارك يا رب العالمين . اللهم فارحمني إذا انقطعت حجتي ، وكل عن جوابك لساني ،
وطاش عند سؤالك أياي لبي ، فيا عظيما يرجى لكل عظيم ، أنت رجائي فلا تخيبني إذا اشتدت إليك فاقتي ، ولا تردني
لجهلي ، ولا تمنعني لقلة صبري ، أعطني لفقري ، وارحمني لضعفي . سيدي عليك معتمدي ومعولي ورجائي وتوكلي
، وبرحمتك تعلقي ، وبفنائك أحط رحلي ، وبجودك أقصد طلبتي ، وبكرمك أي رب أستفتح دعائي ، ولديك أرجو سد
فاقتي ، وبعنايتك أجبر عيلتي ، وتحت ظل عفوك قيامي ، وإلى جودك وكرمك أرفع بصري ، وإلى معروفك اديم
نظري ، فلا تحرقني بالنار ، وأنت موضع أملي ، ولا تسكني الهاوية فانك قرة عيني . يا سيدي لا تكذب ظني باحسانك
ومعروفك ، فانك ثقتي ورجائي ، ولا تحرمني ثوابك فانك العارف بفقري . إلهي إن كان قد دنا أجلي ، ولم يقربني ،
منك عملي ، فقد جعلت الاعتراف إليك بذنبي وسائل عللي . إلهي إن عفوت فمن أولى منك بالعفو ؟ وإن عذبتني فمن
أعدل منك في الحكم ؟ فارحم في هذه الدنيا غربتي ، وعند الموت كربتي ، وفي القبر وحدتي ، وفي اللحد وحشتي ،
وإذا نشرت للحساب بين يديك ذل موقفي . واغفر لي ما خفي على الادميين من عملي ، وأدم لي ما به سترتني ،
وارحمني صريعا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي ، وتفضل علي ممدودا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي ، وتحنن
علي محمولا قد تناول الأقراباء أطراف جنازتي ، وجد علي منقولا قد نزلت بك وحيدا في حفرتي ، وارحم في ذلك
البيت الجديد غربتي ، حتى لا أستأنس بغيرك يا سيدي فانك إن وكلتني إلى نفسي هلكت . [ سيدي ] فبمن أستغيث إن
لم تقلني عثرتي ، وإلى من أفزع إن فقدت عنايتك في ضجعتي ، وإلى من ألتجئ إن لم تنفس كربتي . سيدي من لي
ومن يرحمني إن لم ترحمني ؟ وفضل من أؤمل إن فقدت غفرانك ، أو عدمت فضلك يوم فاقتي ، وإلى من الفرار من
الذنوب إذا انقضى أجلي . سيدي لا تعذبني وأنا أرجوك ، إلهي حقق رجائي وآمن خوفي ، فان كثرة ذنوبي لا أرجو
لها إلا عفوك . سيدي أنا أسألك ما لا أستحق ، وأنت أهل التقوى وأهل المغفرة ، فاغفر لي ، وألبسني من نظرك ثوبا
يغطي علي التبعات ، وتغفرها لي ، ولا اطالب بها إنك ذو من قديم وصفح عظيم ، وتجاوز كريم . إلهي أنت الذي
تفيض سيبك على من لا يسألك وعلى الجاحدين بربوبيتك ، فكيف سيدي بمن سألك وأيقن أن الخلق لك ، والأمر إليك ،
تباركت وتعاليت يا رب العالمين . سيدي عبدك ببابك ، أقامته الخصاصة بين يديك ، يقرع باب إحسانك بدعائه ،
ويستعطف جميل نظرك بمكنون رجائه ، فلا تعرض بوجهك الكريم عني ، واقبل مني ما أقول ، فقد دعوتك بهذا الدعاء
، وأنا أرجو أن لا تردني ، معرفة مني برأفتك ورحمتك . إلهي أنت الذي لا يخفيك سائل ، ولا ينقصك نائل ، أنت كما
تقول وفوق ما يقول القائلون . اللهم إني أسألك صبرا جميلا ، وفرجا قريبا ، وقولا صادقا ، وأجرا عظيما ، وأسألك
يا رب من الخير كله ، ما علمت منه وما لم أعلم ، وأسألك اللهم من خير ما سألك منه عبادك الصالحون . يا خير من
سئل وأجود من أعطى ( صل على محمد وآل محمد ) وأعطني سؤلي في نفسي وأهلي ووالدي وولدي وأهل حزانتي
وإخواني فيك ، وأرغد عيشي وأظهر مروتي ، وأصلح جميع أحوالي ، واجعلني ممن أطلت عمره ، وحسنت عمله ،
واتممت عليه نعمتك ، ورضيت عنه ، وأحييته حياة طيبة في أدوم السرور وأسبغ الكرامة ، وأتم العيش ، إنك تفعل ما
تشاء ولا تفعل ما يشاء غيرك . اللهم وخصني منك بخاصة ذكرك ، ولا تجعل شيئا مما أتقرب به اليك في آناء الليل
وأطراف النهار رياء ولا سمعة ولا أشرا ولا بطرا ، واجعلني لك من الخاشعين . اللهم وأعطني السعة في الرزق ،
والأمن في الوطن ، قرة العين في الأهل والمال الولد والمقام في نعمك عندي ، والصحة في الجسم ، والقوة في البدن
، والسلامة في الدين ، واستعملني بطاعتك وطاعة رسولك محمد صلواتك عليه وآله أبدا ما استعمرتني . واجعلني من
أوفر عبادك عندك نصيبا في كل خير أنزلته وأنت منزله في شهر رمضان في ليلة القدر ، وما أنت منزله في كل سنة
من رحمة تنشرها ، وعافية تلبسها ، وبلية تدفعها وحسنات تتقبلها ، وسيئات تتجاوز عنها . وارزقني حج بيتك الحرام
في عامنا هذا وفي كل عام ، وارزقني رزقا واسعا من فضلك الواسع . واصرف عني يا سيدي الأسواء ، واقض عني
الدين والظلامات حتى لا أتأذى بشئ منه ، وخذ عني بأسماع أعدائي ، وأبصار حسادي ، والباغين علي ، وانصرني
عليهم ، وأقر عيني ، وحقق ظني ، وفرج قلبي ، واجعل لي من همي وكربي فرجا ، ومخرجا ، واجعل من أرادني
بسوء من جميع خلقك تحت قدمي . واكفني شر الشياطين ، وشر السلطان وسيئات عملي ، وطهرني من الذنوب كلها ،
وأجرني من النار بعفوك ، وأدخلني الجنة برحمتك ، وزوجني من الحور العين بفضلك ، وألحقني بأوليائك الصالحين
محمد وآله الأبرار الطيبين الأخيار صلواتك عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته . إلهي وسيدي
، وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لاطالبنك بعفوك ، ولئن طالبتني بلؤمي لاطالبنك بكرمك ، ولئن أدخلتني النار
لاخبرن أهل النار بحبي لك . إلهي وسيدي إن كنت لا تغفر إلا لأوليائك وأهل طاعتك ، فالى من يفزع المذنبون ؟ وإن
كنت لا تكرم إلا أهل الوفاء بك ، فبمن يستغيث المسيئون . إلهي إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك ، وإن
أدخلتني الجنة ففي ذلك سرور نبيك ، وأنا والله أعلم أن سرور نبيك أحب إليك من سرور عدوك . اللهم إني أسألك أن
تملأ قلبي حبا لك وخشية منك ، وتصديقا لك ، وإيمانا بك ، وفرقا منك ، وشوقا إليك يا ذا الجلال والاكرام حبب إلي
لقاءك ، وأحبب لقائي ، واجعل لي في لقائك الراحة والفرح والكرامة . اللهم ألحقني بصالح من مضى ، واجعلني من
صالح من بقي وخذ بي سبيل الصالحين ، وأعني على نفسي بما تعين به الصالحين على أنفسهم ، ولا تردني في سوء
استنقذتني منه أبدا ، واختم عملي بأحسنه ، واجعل ثوابي منه الجنة ، برحمتك يا أرحم الراحمين . اللهم إني أسألك
إيمانا لا أجل له دون لقائك ، احيني ما أحييتني عليه ، وتوفني إذا توفيتني عليه ، وابعثني إذا بعثتني عليه ، وأبرء قلبي
من الرياء والشك والشك والسمعة في دينك ، حتى يكون عملي خالصا لك . اللهم أعطني بصيرة في دينك وفهما في
حكمك ، وفقها في علمك ، وكفلين من رحمتك ، وورعا يحجزني عن معاصيك ، وبيض وجهي بنورك ، واجعل
رغبتي فيما عندك ، وتوفني في سبيلك وعلى ملة رسولك صلواتك عليه وآله . اللهم إني أعوذ بك من الكسل والفشل ،
والهم والحزن ، والجبن والبخل ، والغفلة والقسوة ، والذلة والمسكنة ، والفقر والفاقة ، وكل بلية والفواحش ما ظهر
منها وما بطن . وأعوذ بك من نفس لا تقنع ، وبطن لا يشبع ، وقلب لا يخشع ، ودعاء لا يسمع ، وعمل لا ينفع ،
وأعوذ بك يا رب على نفسي وديني ومالي وعلى جميع ما رزقتني من الشيطان الرجيم ، إنك أنت السميع العليم .
اللهم إنه لن يجيرني منك أحد ، ولن أجد من دونك ملتحدا ، فلا تجعل نفسي في شئ من عذابك ، ولا تردني بهلكة ،
ولا تردني بعذاب أليم . اللهم تقبل مني ، وأعل ذكري ، وارفع درجتي ، وحط وزري ، ولا تذكرني بخطيئتي ، واجعل
ثواب مجلسي وثواب منطقي وثواب دعائي رضاك عني والجنة ، وأعطني يا رب جميع ما سألتك ، وزدني من فضلك
، إني إليك راغب يا رب العالمين . اللهم إنك أنزلت في كتابك العفو ، وأمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا ، وقد ظلمنا أنفسنا ،
فاعف عنا ، فانك أولى بذلك منا ، وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا ، وقد جئناك سائلا فلا تردنا إلا بقضاء حوائجنا ،
وأمرتنا بالاحسان إلى ما ملكت أيماننا ، ونحن أرقاؤك فأعتق رقابنا من النار . يا مفزعي عند كربتي ، ويا غوثي عند
شدتي ، إليك فزعت وبك استغثت و [ بك ] لذت ولا ألوذ بسواك ، ولا أطلب الفرج إلا بك ومنك ، فصل على محمد
وآل محمد وأغثني ، وفرج عني ، يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير ، اقبل مني اليسير واعف عني الكثير ، إنك أنت
الغفور الرحيم . اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي ، ويقينا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي ، ورضني من
العيش بما قسمت لي ، يا أرحم الراحمين . ( 3 )